بيان صحفي
أروشا، تنزانيا / جبال النوبة، السودان – 23/09/2025
يشهد السودان اليوم واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية والتعليمية في العالم. فحتى قبل اندلاع الحرب الحالية، كان البلد يواجه بالفعل عواقب النزوح والصراع والصدمات المناخية المدمرة. منذ أزمة دارفور في عام 2003 وجنوب كردفان في عام 2011، اقتُلعت ملايين الأسر من جذورها، وأصبح السودان موطناً لأكثر من مليون لاجئ — ثاني أكبر عدد من اللاجئين في إفريقيا. كثير منهم فروا من العنف في جنوب السودان ومنطقة تيغراي الإثيوبية بحثاً عن الأمان والكرامة داخل حدود السودان.
الأمل في مستقبل سلمي الذي برز عام 2019 بعد إزاحة الرئيس السابق عمر البشير سرعان ما تلاشى عندما تم حل الحكومة المدنية الانتقالية في عام 2021. إن عودة الحكم العسكري، إلى جانب تزايد انعدام الأمن، أججت الصراعات المجتمعية وأدت إلى تفاقم عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
في 15 أبريل 2023، اندلع القتال بين القوات المسلحة السودانية (SAF) وقوات الدعم السريع (RSF)، مما أغرق البلاد في أسوأ أزمة يشهدها العالم. جاءت هذه الحرب في وقت كان السودان بالفعل عند أعلى مستوى من الاحتياجات الإنسانية خلال عقد من الزمن. ومنذ ذلك الحين، تدهور الوضع بشكل كارثي. ففي أغسطس 2024، أكدت لجنة مراجعة المجاعة وقوع مجاعة في أجزاء من دارفور، لا سيما بين النازحين داخلياً في معسكر زمزم. واليوم، يحتاج 25 مليون شخص – أي نصف سكان السودان – بشكل عاجل إلى المساعدات الإنسانية والحماية، من بينهم 25.6 مليون يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، منهم 8.5 مليون في مستويات طارئة.
تفاقمت الأزمة بفعل الطوارئ مثل تفشي الكوليرا وتغير المناخ. فقد دمرت الفيضانات الشديدة والجفاف المتكرر المحاصيل، وأدت إلى نفوق الماشية، وقوضت سبل عيش الأسر الضعيفة أصلاً. الأطفال على وجه الخصوص يدفعون الثمن الأكبر. فمع تدمير المدارس، وتشريد المعلمين، ومعاناة الأسر من أجل البقاء، أصبح ملايين الأطفال إما خارج مقاعد الدراسة أو يحاولون التعلم وهم جياع.
تدعو منظمة التعليم في الأزمات (EiC) المجتمع المحلي والإقليمي والدولي إلى التحرك العاجل. إن التغذية المدرسية والحماية والتعليم المعجّل ليست تدخّلات اختيارية في السودان اليوم — بل هي شرايين حياة. من دونها، نخاطر بخسارة جيل كامل لصالح الجوع والأمية واليأس.
نناشد الحكومات المانحة، ووكالات التنمية، والجهات الإنسانية، والمانحين حول العالم، بزيادة الاستثمار في برامج التعليم والاستجابة الطارئة، من أجل حماية مستقبل الأطفال ليس فقط من المجاعة، بل من مستقبل بلا أمل. إن صمود السودان ومستقبله يعتمدان على ضمان أن يتمكن 19 مليون طفل من التعلم، والحصول على التغذية، والعيش بأمان.
وكمنظمة EiC، نظل على الأرض مع مجتمعاتنا في وقت الحاجة القصوى، ملتزمين بجعل الحق في التعليم متاحاً للجميع وحماية التعليم في حالات الطوارئ، ونعمل مع الشركاء وغيرهم لضمان ألّا يُنسى أي طفل في هذه الأزمة.
الوقت للتحرك هو الآن. مستقبل أطفال السودان في خطر.